فصل: النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي ظُهُورِ الْمَالِكِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الحكم الرَّابِعُ التَّمْلِيكُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ جَائِزٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَأْنُكَ بِهَا وَالْأَحْسَنُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُنْفِقَهَا أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنِ اخْتَارَ تَمَلُّكَهَا ثَبَتَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا وَقَالَ ش فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْمِيرَاثِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استفقها وَفِي رِوَايَةٍ إِنْ لَمْ يَأْتِ رَبُّهَا فَهِيَ كَسَائِرِ مَالِهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَهِيَ لَكَ وَقِيَاسًا عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَقَالَ ح لَا يَمْلِكُهَا مُطْلَقًا كَالْوَدِيعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَوْرُوثَ إِنَّمَا نُقِلَ مِلْكُهُ بِسَبَبِ تَعَذُّرِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَالشَّرْعُ إِنَّمَا مَلَكَ الْأَمْلَاكَ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ فَحَيْثُ لَا حَاجَةَ لَا مِلْكَ وَصَاحِبُ اللُّقَطَةِ يَحْتَاجُ لِبَقَاءِ حَيَاتِهِ فَمِلْكُهُ بَاقٍ عِنْدِ عَدَمِ اخْتِيَارِ الْوَاجِدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَالِكًا افْتَقَرَ انْتِقَالُ مِلْكِهِ إِلَى رِضَا الْمُتَنَقِّلِ إِلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاؤُهُ هُوَ لِتَعَذُّرِ وَجُودِهِ وَمِنْ مَصْلَحَتِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رِضَا الْوَاجِدِ لِتَضَمُّنِهَا فِي ذِمَّتِهِ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ وَيَكُونُ لَهُ إِذَا اخْتَارَ ذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْأُصُولِ وَأَشْبَهُ بِانْتِقَالِ ملك الْأَحْيَاء.
ثَانِيهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ مَشْهُورَةٍ فَشَأْنُكَ بِهَا فَفَوَّضَهَا لِاخْتِيَارِهِ فَتُحْمَلُ الرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ عَلَى مَا بَعْدَ الِاخْتِيَارِ جَمْعًا بَيْنَهَا عَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَطَبَ وَالصَّيْدَ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَكَانَ الْأَمْرُ فِي انْتِقَالِهِ أَيْسَرَ وَعَنْ قِيَاسِ ح الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا مَعْلُومٌ فَاشْتَرَطَ رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَهَذَا مَجْهُولٌ أَشْبَهَ الْمَفْقُودَ فَضَعُفَ مِلْكُهُ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى وُجُوبِ رَدِّهَا إِذَا جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا أَوْ بَدَلَهَا إِنْ فَقَدَهَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُخَيَّرُ مَالِكُ اللُّقَطَةِ وَمعنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَأْنُكَ بِهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِمْسَاكِهَا لِصَاحِبِهَا وَيَزِيدُ فِي تَعْرِيفِهَا وَبَيْنَ التَّصَدُّقِ بِهَا وَيَضْمَنُهَا إِلَّا أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهَا الصَّدَقَةَ فَيَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ وَقَالَ ح لَا يُنْفِقُهَا إِلَّا الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا وَجَوَّزَ ش الِاسْتِنْفَاقَ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُنْفِقُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَفَاءٌ بِهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يحل مَال امرء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ فَتحصل فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبَ مَالِكٍ الْمَنْعَ مُطْلَقًا هُوَ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّرَّاحِ كَمَا تَرَى وَحُكِيَ أَيْضًا أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ لَا تُسْتَنْفَقُ إِجْمَاعًا بَلْ تُعَرَّفُ أَبَدًا وَسَتَقِفُ عَلَى الْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يُكْرَهُ لَهُ أَكْلُهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ أَكْلُهَا إِن كَانَت قَليلَة وَهُوَ قَلِيل كَذَا فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّمَلُّكِ فَهَلْ سَائِرُ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وح وَقَالَ ش لَا تُلْتَقَطُ إِلَّا لِلْحِفْظِ وَالتَّعْرِيفِ أَبَدًا وَوَافَقَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالدَّاوُدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنَّا لَنَا الْعُمُومَاتُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ وَلِأَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ ابْتِدَاءً فَلَا تَخْتَلِفُ بِالْبِقَاعِ كَالْوَدِيعَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى لُقَطَةِ الْحِلِّ احْتَجُّوا بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث حجَّة لوداع وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَجُعِلَ حِلُّهَا فِي الْمُنْشِدِ فَخَرَجَ الْمُتَمَلِّكُ وَالْجَوَابُ أَنَّا إِنَّمَا أَحْلَلْنَاهَا لِمُنْشِدٍ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُحِلَّهَا لِغَيْرِ مُنْشِدٍ وَسَبَبُ التَّخْصِيصِ كَثْرَةُ سُقُوطِ الْأَمْتِعَةِ مِنَ الْحَاجِّ الْأَقْطَارُ غَالِبًا فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْوَاجِدِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّعْرِيفِ بِمَكَّةَ مِنْهَا وَتَطْوِيفُ أقطار الْأَرْضِ مُتَعَذِّرٌ فَيَتَمَلَّكُهَا قَبْلَ السَّنَةِ مِنْ غَيْرِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ أَمَرَ الْمُلْتَقِطَ بِأَكْلِهَا كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا وَلَهُ التَّصَدُّقُ بَعْدَ السَّنَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْحِفْظُ بِحَسَبِ الْإِمْكَان إِمَّا الْعين وثوابها ولظاهر قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَأْنُكَ بِهَا وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا إِذَا جَاءَ فِي ثَوَابِهَا أَوْ يُغَرِّمُهَا لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصَرُّفُهُ فِي ملكه وَأَكْثَره التَّصَدُّق قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا فِي التَّافِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فِي التَّعْرِيفِ بَلْ فِي أَصْلِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ يخْتَلف فِي الْيَسِيرِ دُونَ السَّنَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ أَكْرَهُ التَّصَدُّقَ قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا التَّافِهَ الْيَسِيرَ.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّمَلُّكِ مُطْلَقًا فِي سَائِرِ الْبِقَاعِ فَهَلْ يُسَوَّى بَيْنَ الْمُلْتَقِطَيْنِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح وَهُوَ أحد القومين عِنْدَنَا لَا يَأْكُلُهَا إِلَّا الْفَقِيرُ لَنَا عُمُومُ الْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ بِالْقَرْضِ يَمْلِكُ بِالِالْتِقَاطِ كَالْفَقِيرِ وَلِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ الِالْتِقَاطُ جَازَ لَهُ التَّمَلُّكُ بِهِ كَالْفَقِيرِ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أُبَيًّا بِأَكْلِ اللُّقَطَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِِ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ دِينَارًا فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَجَدْتُ هَذَا فَقَالَ عَرِّفْهُ فَذَهَبَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ عَرَّفْتُهُ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ فَقَالَ فَشَأْنُكَ بِهِ فَذَهَبَ فَرَهَنَهُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَطَعَامٍ وَوَدَكٍ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ صَاحِبُهُ يَنْشُدُهُ فَجَاءَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا صَاحِبُ الدِّينَارِ فَقَالَ أَدِّهِ إِلَيْهِ فَأَدَّى عَلَيٌّ مَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَوْ كَانَتِ اللُّقَطَةُ إِنَّمَا تَحِلُّ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ لَمَا حَلَّتْ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ السَّلْفِ وَهُوَ جَائِزٌ لِلِاغْتِنَاءِ وَلِأَنَّ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ قَدْ اسْتَوَيَا قَبْلَ الْحَوْلِ فِي عَدَمِ التَّمَلُّكِ فَيَسْتَوِيَانِ بَعْدَهُ قِيَاسًا لِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهَا ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمُ وَلَا يَغِيبُ فَإِنْ وُجِدَ صَاحِبُهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا يَتَمَلَّكُهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهَا لَوِ اخْتُصَّ مِلْكُهَا بِالْفَقِيرِ لَمَا قَالَ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ بَلْ قَالَ هُوَ لِلْفَقِيرِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَمْنَعُ تَمَلُّكَ الْغَنِيِّ لِأَنَّ كُلَّ أَمْوَالِ الْغَنِيِّ مُضَافَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةَ الْخَلْقِ وَالْمِلْكِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ الله الَّذِي آتَاكُم} قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْمُحَرِّرُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى أَنَّ اللُّقَطَةَ هَلْ تُؤْخَذُ احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى فَتُخْتَصُّ بِالْفَقِيرِ أَوِ اكْتِسَابًا فَتَعُمُّ قَالَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ هِيَ أَوَّلُ الْأَمْرِ احْتِسَابًا جَزْمًا وَعِنْدَ ح مَا يؤول للإحتساب وَعِنْدنَا تؤول لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَأْنُكَ بِهَا وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ.

.الحكم الْخَامِسُ وُجُوبُ الرَّدِّ وَالنَّظَرِ:

فِي ظُهُورِ الْمَالِكِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ وَقِيَامُ اللُّقَطَةِ وَفَوْتُهَا.

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي ظُهُورِ الْمَالِكِ:

وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَصَفَ عفاصما ووكاءها وعدتها أَخذهَا وجوبا السُّلْطَان على ذَلِك وَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ يَدْفَعُ غَلَبَ عَلَى صدقه بمنه كَذَا أَولا وَقَالَ ش وح إِذا وصف وَلم يغلب على ظَنّه صدقته حَرُمَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صدقه دَفعهَا على أَنه ضَامِن لما أَن جَاءَ مُسْتَحِقٌّ غَيْرُهُ وَلَا يُلْزِمُهُ الدَّفْعُ بِذَلِكَ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرِّفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِذَا جَاءَ مَنْ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا فَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَلَوْ أَنَّ دَفْعَهَا يفْتَقر إِلَى منته لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ بَلْ فَائِدَتُهُ الدَّفْعُ بِهِ وَلِأَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا مُتَعَذِّرٌ فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ وَلَمَّا تَعَذَّرَ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أُقِيمَ اللَّوْثُ مَقَامَهَا وَإِنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ السُّقُوطِ مُتَعَذِّرَةٌ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ بَلْ يُصَدَّقُ بِغَيْرِهَا كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْيَتِيمِ مُمْكِنٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِهَا يُؤَدِّي إِلَى ذَهَابِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَبُطْلَانِ حِكْمَةِ الِالْتِقَاطِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ شَرْطًا لَحَرُمَ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي مَوْضِعِهَا يَقْرُبُ أَخْذُهَا لِمَالِكِهَا وَالِالْتِقَاطُ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَمَنْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ مَالِهِ حَرَامٌ وَلَا يُقَالُ لَوِ ادَّعَى السَّرِقَةَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ مُتَعَذِّرَةً عِنْدَ السَّرِقَةِ لأَنا نقُول السّرقَة يَدَّعِي لِنَفَسِهِ بِخِلَافِ الْمُلْتَقِطِ وَقَدْ قَالَ مَالِكُ فِي قطاع الطَّرِيق لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ الْمَتَاعُ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِالْعَلَامَاتِ مِنْ عَدَدٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَاللُّقَطَةِ لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ كَاللُّقَطَةِ سَوَاءٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَالطَّالِبُ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا دَعْوَى فَلَا يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِهَا الْوَصْفُ كَسَائِرِ الدَّعَاوى وَلِأَنَّ الْيَدَ تُنَازِعُهُ فَلَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى الْجَوْدَةِ لَا عَلَى الْإِجْبَارِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ على من أنكر وَالْبَيِّنَة تُقَام عَلَيْهِ وَهَا هُنَا لَا مُنْكِرَ فَلَا يَمِينَ وَلَا بَيِّنَةَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّهُ عَامٌ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ خَاصٌّ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْرِهَا مُتَيَسِّرٌ بِخِلَافِهَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مَتَاعَهُ يَقَعُ مِنْهُ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مَشْعُورٌ بِهِ فَطُلِبَتْ فِيهِ الْبَيِّنَة بل إِلْحَاق هَذِه المصورة بِنَفَقَةِ الْيَتِيمِ أَشْبَهُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ الْمُحْوِجَةَ لِلْبَيِّنَةِ عَنِ الْيَدِ الَّتِي يَدَّعِي صَاحِبُهَا الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ لِيَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَحَدًا بَلْ صَاحِبُهَا يَقُولُ أَنَا لَا شَيْء لي فَتبقى معرفَة الْوَصْف سالما عَنِ الْمُعَارِضِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْجَوَازِ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ تَفْرِيعٌ إِنْ جَاءَ أَحَدٌ فَوَصَفَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً كَانَت لَهُ وَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْك لِأَنَّك دَفَعْتَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَمْ يَذْكُرْ خلف الْوَاصِفِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشُّيُوخُ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ هَذَا الْبَابُ يُسَمَّى بِالدَّلِيلِ وَأَصْلُهُ قَمِيصُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَلْ هُوَ كَالشَّاهِدِ فَيُحْتَاجُ مَعَهُ لِلْيَمِينِ أَوْ كَالشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُحْتَاجُ وَمَسَائِلُهُ أَرْبَعَةٌ وَاصِفُ اللُّقَطَةِ وَتَعَلُّقُ الْمَرْأَةِ بِرِجْلٍ وَهِيَ تَدْمَى وَتَنَازُعُ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا عُرِفَ أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الدُّورِ وَيُقْضَى بِهِ لِمَنْ يَلِيهِ وَجْهُ الْبِنَاءِ فَقِيلَ يُحْتَاجُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا لِلْيَمِينِ وَقِيلَ لَا يُحْتَاجُ وَقَدْ قضى بعد قَمِيص يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ يَنْظُرُ إِلَى ضَعْفِ السَّبَبِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ وَهُوَ مَوْضِعُ تُهْمَة وَالْمُتَّهَم يحلف وَفِي النكث إِنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ دُونَ عَدَدِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الْعِفَاصَ وَالدَّنَانِيرَ دُونَ الْوِكَاءِ أَوِ الْوِكَاءَ دُونَ غَيْرِهِ أَخَذَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا حَلَفَ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ وَصَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَأَخْطَأَ فِي الدَّنَانِيرِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَنْ قَالَ لَهُ دَنَانِيرُ وَهِيَ دَرَاهِمُ وَإِنْ أَصَابَ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الصِّفَةِ وَأَخْطَأَ الْعُشْرَ لَمْ يُعْطَ إِلَّا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ أَنْ يَصِفَ عَدَدًا فَيُوجَدُ أَقَلُّ فَإِنَّ أَشْهَبَ يُعْطِيهُ وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اعْتَدَّ فِيهَا قَالَ التُّونِسِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ الصِّفَةَ دَلِيلٌ كَالْيَدِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ الْيَمِينُ مَعَ الْمُنَازَعَةِ وَلَا مُنَازع هَا هُنَا قِيلَ الْيَمِينُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْفَقِيرِ فَإِنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ وَالْيَمِينُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدُ فَيَصِفُ أَيْضًا كَمَا يُسْتَبْرَأُ وَالْغَائِبُ فِي قَضَاءِ مَا يُثْبِتُ عَلَيْهِ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِفَاصِ أَوِ الْوِكَاءِ أَجَازَهُ لِأَنَّهُ قَالَ يَنْسَى الْآخَرُ وَفِيهِ خِلَافٌ بِخِلَافِ إِذَا أَخْطَأَ فِي أَحَدِهِمَا فَوَصَفَهُ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَأَصْوَبُ الْأَقْوَالِ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْمَعْرِفَةَ فَأَكَّدَهُ بِنَفْسِهِ أَو الْجَاهِل وَالنَّاسِي لَمْ يَكْذِبْ نَفْسَهُ وَإِنْ وُجِدَ الْعَدَدُ أَقَلَّ لَمْ يَضُرَّهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَخَذَ مِنْهَا أَوِ اكْتَرَى وَغَيْرُ السِّكَّةِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا وَإِن وصف سكَّة فَوجدت غير مَضْرُوبَة وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعْطَى حَتَّى يَذْكُرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَعَلَّ سَحْنُون أَرَادَ أَن سكَّة الْبَدْر كَذَا كلهَا شَيْء وَاحِد فكاسلم كَذَا يَأْتِي بِصِفَةٍ وَرَأَى يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِصِفَةِ سِكَّتِهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ وَصَفَ وَاجِد العفاص والوكاء وَآخر عدَّة الدَّنَانِيرِ فَهِيَ لِوَاصِفِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ لِتَرَجُّحِهُ بِالزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ إِلَّا الْعَدَدَ لَكَانَ أَحَقَّ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ لِأَنَّ الْعَدَدَ يَحْصُلُ تَحْصِيلُهُ مِنَ السَّمَاعِ وَالْعِفَاصَ لَهُ خُصُوصِيَّاتٌ وَالْعَدَدُ لَا يَخْتَلِفُ فَيَضْعُفُ وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوِ اجْتَمَعَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَإِذَا أَخَذَهَا الْأَوَّلُ ثُمَّ وَصَفَهَا آخَرُ لَمْ تُعْطَ لَهُ بَلْ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَمِعَ الصِّفَةَ مِنَ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِثْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَضْرَة دَفنهَا إِيَّاهَا لِأَمْكَنَ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْيَدَ إِذَا عُلِمَ الْوَجْهُ الَّذِي أَخَذَتْ بِهِ ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي بِالْمَعْنَى الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْأَوَّلُ سَقَطَ حُكْمُ الْيَدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَخَذْتَ أَخذ مَالَ مَيِّتٍ بِالْوِرَاثَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى مِثْلَ ذَلِكَ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتُكُمَا يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَكُمَا بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذْتَ اللُّقَطَةَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالصِّفَةِ ثُمَّ تَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوقَفُ بَيْنَكُمَا وَقَالَ أَشهب فِي هَذَا يكون الأول وَلَوْ أَخَذْتَ بِالصِّفَةِ فَأَقَامَ غَيْرُكَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ لَقُدِّمْتَ لِرُجْحَانِكَ بِالصِّفَةِ وَيَبْقَى فِي يَدِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَصَفَهَا أَوْ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعْتُهَا لِمَنْ وَصَفَهَا وَلَا أَعْرِفُهُ وَلَمْ أُشْهِدْ عَلَيْهَا ضَمِنَهَا لِتَفْرِيطِهِ بِالدَّفْعِ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ وَإِذَا ثَبَتَ الدَّفْعُ فَالْخُصُومَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقَابِضِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَهَا بِالصِّفَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ إِنْ فَلَسَ الْقَابِضُ أَوْ عدم وَإِذا وجد فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا ذِمَّةٌ قَالَ ابْن الْقَاسِمِ تُدْفَعُ لِأَحْبَارِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَخْطَأَ فِي صِفَتِهِ لَمْ يُعْطَهَا وَإِنْ وَصَفَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَأَصَابَهَا قَالَ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ ثُمَّ عَادَ لِلْحَلِفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالْقَوْلُ بِالْيَمِينِ أَبْيَنُ اسْتِظْهَارًا وَقَدْ يَنْكِلُ فَيَكُونُ لِلْفَقْدِ أَوْ لِمَنْ يَأْتِي فَيَصِفُ وَلَوْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ وَجَهِلَ مَا سواهُ ستبرأ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ وَإِلَّا أُعْطِيهَا كَمَا فِي شَرْطِ الْخَلِيطَيْنِ لَا يَضُرُّ عَدَمُ بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَلَوْ أَخَذْتَهَا بِبَيِّنَةٍ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ أمره ثمَّ أَقَامَ أخر بَيِّنَة فَهِيَ الأول كَمَا ملكا بالتاريخ وَإِلَّا فَلصَاحِب اعْدِلْ الْبَيْتَيْنِ فَإِنْ تَكَافَأَتْ فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ أَنْتَ مَعَ يَمِينِكَ أَنَّهَا لَكَ لَا تَعْلُمَ لِصَاحِبِكَ فِيهَا حَقًّا فَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا فَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ لَكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحْتَمَلُ عِنْدَ التَّكَافُؤِ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَكُمَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَخَذْتَهَا كَالْوَارِثِ يجوز قَبْلَ الْوَارِثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ادَّعَيْتُمَاهَا وَاتَّفَقَتْ صِفَتُكُمَا اقْتَسَمْتُمَاهَا بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُكُمَا فَهِيَ لِلْحَالِفِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ نَكَلَا لَمْ تدفع لَكمَا قَالَ اللَّخْمِيّ أرى أَنْ يَقْتَسِمَاهَا لِأَنَّ يَمِينَ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ مِنْ بَابِ دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ لِمَنْ حَلَفَ وَإِنْ نَكَلْتُمَا اقْتَسَمْتُمَاهَا لِأَنَّ يَمِينَ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ يُسَاوِي دَعْوَاكُمَا وَلَمْ يُمْنَعَاهَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَدَّعِيَهَا ثَالِثٌ وَإِنْ زَادَ أَحَدُكُمَا صِفَةً قُضِيَ لَهُ بِهَا مِثْلُ أَنْ يَصِفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَيزِيد الآخر الْعدَد أَو الْعدَد كَذَا أَوِ السِّكَّةَ وَاخْتُلِفَ إِذَا اخْتَلَفَتْ صِفَاتُكُمَا كَمَا يَصِفُ أَحَدُكُمَا الْبَاطِنَ الْعَدَدُ وَالسِّكَّةُ وَالْآخِرُ الظَّاهِرَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ قِيلَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَقِيلَ يَقْتَسِمَانِ قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْبَاطِنِ أَقْوَى فَيُعَارِضُ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ الدَّفْعِ ثُمَّ جِئْتَ فَوَصَفْتَ أَوْ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ إِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ فَرَّطَ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يعلم دَفعهَا إِلَّا من قَوْله وَلَو أعلم أَنَّهَا أُخِذَتْ بِصِفَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَجَهِلَ الْآخِذُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قِيلَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى معنى التَّنْبِيه إِذا لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْأَمَارَاتِ مِنَ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَزَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ الْعَدَدَ لِأَنَّهُ الْغَايَةُ فِي الْبَيَانِ وَزَادَ ابْنُ شَعْبَانَ السِّكَّة إِذا اخْتَلَفَتِ السِّكَكُ قَالَ وَأَرَى أَنْ تَكْفِيَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ دِينَارا الحَدِيث إِلَى أَن يُقَال فِيهِ فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْكُلُونَ إِذَا رَجُلٌ يَقُولُ أُشْهِدُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ الدِّينَارَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُهُ لَيْلًا فَيَرْبُطُهُ فِي الظَّلَامِ فَلَا يَعْرِفُ إِلَّا الْعَدَدَ وَيَقُولُ أَنْفَقْتُ مِنَ الْعَدَدِ وَلَا أَدْرِي مَا بَقِيَ وَيَقُولُ عِنْدِي سِكَكٌ لَا أَدْرِي أَنَّ هَذِهِ مِنْهَا وَأما الوكاء فَكنت واحل كَذَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وِكَاءٌ وَاحِدٌ فَدَلِيلٌ وَاحِدٌ يَكْفِيهِ وَلَوْ رَأَيْتَهُ فِي الطَّرِيقِ يَأْخُذُهَا لَمْ يَكُنْ لَكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ وَهِيَ حِينَئِذٍ وَدِيعَةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ وَهِيَ الْآنُ وَدِيعَتُكَ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا وَصَفَ الْعِفَاصَ أَوِ الْوِكَاءَ وَجَهَلَ الْآخَرَ أَوْ غَلَطَ فِيهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا شَيْءَ لَهُ يُسْتَبْرَأُ أَمْرُهُ فَإِنْ لم يَأْتِ أحد بأثبت مِمَّا أنني بِهِ دفعت إِلَيْهِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجَهْلِ فَيُعْطَى بعد الِاسْتِبْرَاء وَبَين الْغَلَط فَلَا يعْطى وَقَالَ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ.
الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَّفْتَ آبِقًا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَأَتَيْتَ بِشَاهِدٍ حَلَفْتَ وَأَخَذْتَهُ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَيِّنَةً وَصَدَّقَكَ العَبْد دفع إِلَيْك لعدم المنازع وَالِاعْتِرَاف دَلِيل ظَاهر وَكَذَا الْمَتَاعُ مَعَ لِصٍّ يَدَّعِيهِ قَوْمٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُمْ دفع إِلَيْهِمْ فِي النُّكَتِ يَخْتَلِفُ أَخْذُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَبِتَصْدِيقِ الْعَبْدِ فِي ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ إِذَا أَخَذَهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين أَخذ بِجِهَةِ الْمِلْكِ فَإِذَا أَقَامَ غَيْرَ شَاهِدٍ نُظِرَ أَيِّ الشَّاهِدِينَ أَعْدَلُ وَبِدَعْوَاهُ مَعَ التَّصْدِيقِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّاهِدِ وَلَا يَدْفَعُهُ إِذَا هَلَكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّصْدِيقِ يَضْمَنُهُ وَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ بل يَأْخُذهُ فِي الْوَقْت وبالتصديق فَيَأْتِي فِيهِ الْأَيَّامَ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ أُعْتِقَ الْآبِقُ عَنْ طَهَارَةٍ يُوقَفُ عَنِ امْرَأَتِهِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ هَالِكًا أَوْ مَعِيبًا وَقْتَ الْعِتْقِ فَيُؤْخَذُ سَالِمًا أَجْزَأَهُ وَلَا يَقْدَحُ إِمْكَانَ الْعَيْبِ وَزَوَالِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم التَّغْيِير وَإِذَا قَالَ الْآبِقُ أَنَا لِفُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ سُئِلَ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ كُتِبَ إِلَيْهِ إِن كَانَ غَائِبا فَإِن دَعَاهُ إخذه وَلَا دُفِعَ لِمُدَّعِيهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَضَمِنَ وَحَلَفَ وَلَوْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ فَجَاءَ رَبُّهُ فَقَالَ كُنْتُ أَعْتِقُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَأُحْلِفَ إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِك قَالَ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ هُوَ لَمْ يَقْبَلْ إِقْرَارَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذا بَاعهَا وَوَلدهَا واستلحق الْوَلَدَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ كُنْتُ أَعْتَقْتُهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَدَتْ مِنِّي صُدِّقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا لَمْ يكن مَعهَا ولد اخْتلفت الرِّوَايَة فِي الْكِتَابِ فَرُوِيَ يُرَدُّ إِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ وَرُوِيَ لَا يُرَدُّ وَفَرَّقَ الشُّيُوخُ بَيْنَ اعْتِرَافِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ هُوَ لَهَا فَلَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِدَعْوَاهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَهُ الْمُتَقَدِّمُ وَبَيْنَ بَيْعِ السُّلْطَانِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَفِي النكت إِذا بَاعَ الإِمَام لم يصدق فِي أَنه عتق الْعَبْدَ وَيُصَدَّقُ فِي الْأَمَةِ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ التَّوَثُّقُ وَالْإِشْهَادُ فِي الْعَادَةِ فَعَدَمُ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَدَتْ مِنِّي وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ قَالَ وَإِنْ آلَى يُرَدُّ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ الْإِشْهَارُ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ وَأَنَّ الْحُرَّ لَا يَأْبَقُ فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَأْبَقْ وَتَأْبَقُ أُمُّ الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِالْعِتْقِ فَيَصِحُّ أَنْ يَأْبَقَ إِلَّا أَنَّ الشَّأْنَ إِشْهَارُ الْعِتْقِ قَاعِدَةٌ الْإِقْرَارُ بَسِيطٌ وَمُرَكَّبٌ فَالْبَسِيطُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْمُقِرِّ وَحْدَهُ نَحْوَ عَلَيَّ دَيْنٌ لِزَيْدٍ أَوْ عَلَى الْغَيْرِ وَحْدَهُ نَحْوَ عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ فِي غَيْرِ مَعْرَضٍ مِنَ الشَّهَادَةِ فَيُقْبَلُ الْأَوَّلُ اتِّفَاقًا وَيُرَدُّ الثَّانِي اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ شَهَادَةَ شَرْطِهِمَا وَالْمُرَكَّبُ أَن ينظر بِنَفسِهِ وَلغيره نَحْو غَيْرِي وَعَبْدُ زَيْدٍ عَتَقَا أَمْسَ وَطُلِّقَتِ امْرَأَتِي وَامْرَأَةُ زَيْدٍ أَمْسَ وَعِنْدِي وَعِنْدَ زَيْدٍ دِينَارٌ لِعَمْرٍو فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَيْرِ لِإِمْكَانِ الِانْفِصَالِ وَتَارَةً يَتَعَذَّرُ الِانْفِصَالُ نَحْوَ عَبْدِي الَّذِي بِعْتُهُ حُرٌّ فَهُوَ اعْتِرَافٌ عَلَى الْغَيْرِ فِي إبِْطَال لملكه وَبَيْعُهُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي وُجُوبِ رَدِّ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ يَرِثُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالِانْفِصَالُ مُتَعَذَّرٌ لَا يُمْكِنُ إِبْطَالُهُ عَنِ الْغَيْرِ مَعَ تَنْفِيذِهِ فِي حَقِّهِ فَعِنْدَ عَدَمِ التُّهْمَةِ يَغْلِبُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ وَتَعَذَّرَ الِانْفِصَالُ فَهَذِهِ قَاعِدَةُ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ نُلَاحِظُ فُرُوقَ بَعْضِ الْفُرُوعِ وَبَعْضٍ فَتَخْتَلِفُ لِأَجْلِ تِلْكَ الْفُرُوعِ عِنْدَ مَالِكٍ الْأَحْكَامُ فِي تِلْكَ الْفُرُوع وَقَالَ ش وَابْن جنبل قَوْله بعد البيع اعتقه إِلَّا أَنْ يَبِيعَهُ هُوَ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم إِن أرْسلهُ بعد أَخذه لعذر خَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَضْرِبَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ أَشهب إِن أرْسلهُ فِي حَاجته يوبق فِي مِثْلِهَا ضَمِنَ بِخِلَافِ الْقَرِيبَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ قُلْتَ أَبِقِ مِنِّي كُشِفَ أَمْرُكَ إِن اتهمت قَالَ عبد الْملك لَا تَكْلِيف بَيِّنَة عَلَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ انْفَلَتَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْأَخْذِ عَلَى الْأَمَانَةِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا صَدَقَكَ الْآبِقُ بِأَخْذِهِ بَعْدَ حَلْفِكَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبٌ آخَرُ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ مِثْلَ مَا صدقك لوُجُود المنازع فَتَتَعَيَّنُ الْبَيِّنَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ إِذْ لَا حُكْمَ لَكَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحِدْثَانٍ دَفَعَهُ لَكَ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ قَلِيلًا خَوْفًا مِنْ طَالِبٍ ثَالِثٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُدْفَعُ لَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ طَالَ مُكْثُهُ أَمْ لَا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عِتْقُكَ لِعَبْدِكَ الْآبِقِ وَتَدْبِيرُهُ وَهَبْتُكَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِخِلَافِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ يُنَافِيهِ الْغَرَرُ وَإِذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَلْ يُؤْخَذُ الْآبِقُ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَعَمْ وَيَتَلَوَّمُ فِي ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَأْتِ مَنْ يَطْلُبُهُ أَخَذَهُ وَضَمِنَهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتَرَفَ لغَائِب كتب إِلَيْهِ فَإِن دَعَاهُ أَخَذَهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْعَبْدُ مُدَّعِيَهُ وَلَمْ يُقِرَّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْعُبُودِيَّةِ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالرِّقِّ هَلْ يَأْخُذُهُ مُدَّعِيهِ خِلَافٌ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي تَخْتَفِي لِقُوَّةِ دَلَالَتِهَا وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي الدَّوَابِّ هَلْ تُدْفَعُ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَصَرَّفُ بِهَا وَيَتَعَرَّفُ صِفَتُهَا بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْمَسْرُوقُ بِالصِّفَةِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَتَيْتَ بِكِتَابٍ مِنْ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فِيهِ شَهِدَ عِنْدِي قَوْمٌ أَنَّ فُلَانًا صَاحِبُ كِتَابِي هَذَا إِلَيْكَ قَدْ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ صِفَتُهُ كَذَا فَحَلَاهُ وَوَصَفَهُ فِي الْكِتَابِ وَعِنْدَ هَذَا الْقَاضِي عَبْدٌ مَحْبُوسٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلْيَقْبَلِ الْكِتَابَ وَالْبَيِّنَةَ الَّتِي فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ وَيَدْفَعُ إِلَيْكَ الْعَبْدَ قِيلَ وَتَرَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الصِّفَةِ وَيُكْتَبُ بِهَا إِلَى قَاضٍ آخَرَ قَالَ نَعَمْ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَتَاعِ الَّذِي سُرِقَ بِمَكَّةَ إِذَا عَرَفَهُ رَجُلٌ وَوَصَفَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ يَسْتَأْنِي الْإِمَامُ فِيهِ فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَ إِلَيْهِ بِالْعَبْدِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى فَإِنِ ادَّعَى الْعَبْدَ أَوْ وَصَفَهُ وَلَا بَيِّنَةَ فَهُوَ كَالْمَتَاعِ تَلُومُ بِهِ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَضَمَّنَهُ إِيَّاهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ أَنَّهُ اسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ عَبْدٌ عَلَى صِفَةِ كَذَا أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَخَالَفَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَمَنَعَ أَخْذَ الْعَبْدِ بِكِتَابِ الْقَاضِي عَلَى الصِّفَةِ إِلَّا إِذَا اعْتَرَفَ لَهُ الْعَبْدُ وَمَنَعَ أَيْضًا أَشْهَبُ فِي الْعَبْدِ إِلَّا إِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ الْعَبْدُ الَّذِي فِي الْحُكْمِ وَأَجَازَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ إِنَّمَا تَجُوزُ لِضَرُورَةٍ وَالشَّاهِدُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي قَادِرٌ عَلَى شَهَادَةٍ عَليّ عين العَبْد فَإِن كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ لِلضَّرُورَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إِذَا غَفَلَ الْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَهُمْ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ حَتَّى خَرَجُوا وَبَعُدُوا أَنْ يَقْبَلَ الشَّهَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ وَتَصِيرُ ضَرُورَةً وَاخْتُلِفَ هَلْ يُطْبَعُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ وَالطَّبْعُ أَحْسَنُ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الِاعْتِمَادِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَالتَّسْلِيمِ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ش وَقَالَ ح لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لِأَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ بَلْ عَلَى الصِّفَاتِ وَقَدْ تَتَّفِقُ الصِّفَاتُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَوْصُوفَاتِ لَنَا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لِلْآخَرِ عَلَى الْأَشْخَاصِ فِي الحكومات بصفاتهم وَإِنَّمَا يَأْخُذ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ باسمه وَصفته وَنسبه فَكَذَلِك هَا هُنَا.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّابَّةُ من يدك فادعيت شِرَائهَا مِنْ بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَخِفْتَ ضَيَاعَ حَقِّهِ فَلَكَ وَضْعُ قِيمَتِهَا بِيَدِ عَدْلٍ وَيُمَكِّنُكَ الْقَاضِي مِنَ الدَّابَّةِ فَيَخْرُجُ بِهَا لِبَلَدِ الْبَائِعِ لِتُشْهِدَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهَا فَإِنْ قَصَدَ الْمُسْتَحِقُّ السَّفَرَ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ وَخَرَجْتَ بِالدَّابَّةِ وَطَبَعْتَ فِي عُنُقِهَا وَيُكْتَبُ لَكَ كِتَابٌ إِلَى الْقَاضِي بِذَلِكَ الْبَلَدِ إِنِّي قَدْ حَكَمْتُ بِهَذِهِ الدَّابَّةِ لِفُلَانٍ فَاسْتَخْرَجَ مَالَهُ مِنْ بَائِعِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ فَإِنْ تَلِفَتِ الدَّابَّةُ أَوْ نَقَصَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَهِيَ مِنْكَ لِأَنَّكَ قَبَضْتَهَا مِنْ حِينَئِذٍ لِمَصْلَحَتِكَ وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ إِلَّا فِي الْجَارِيَةِ فَلَا تُدْفَعُ لَكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمِينًا وَإِلَّا فَتَسْتَأْجِرُ أَمِينًا خَوْفًا مِنَ الْوَطْءِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا ضَاعَتِ الْقِيمَةُ فَهِيَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الدَّابَّةِ لِمَا مَلَكَتْ وَحَيْثُ تِلْكَ الْقِيمَةُ لَهُ فَهِيَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَنَظَائِرُهُ الثَّمَنُ فِي الْمُوَاضَعَةِ إِنْ هَلَكَ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ وَقِيلَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ مِنَ الْخَارِجِ بِالدَّابَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ ثَمَنَ الْمُوَاضَعَةِ قَدْ تَرَاضَيَا كَوْنَهُ ثَمَنًا لِلْجَارِيَةِ وَإِنَّمَا الْقيمَة هَا هُنَا كَالرَّهْنِ هَلَاكه من ربه هَذَا الْفرق بَاطِل لِأَن مَا أوجبه الشَّرْع عى الْمُكَلَّفِ لَا يَقْصُرُ عَمَّا أَوْجَبَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالرَّهْنِ أَنَّ الْقِيمَةَ أُوقِفَتْ لِيَأْخُذَ عَيْنَهَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالشَّبَهُ بِثَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ أَقْوَى.
الْفَرْعُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا زَكَّى الشَّاهِدُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَعُدُلُ الْمُزَكِّي مَعْرُوفُونَ وَالشَّاهِدُ غَرِيبٌ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِبَيِّنَةِ مُعْدَلَيْنِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عَدَالَةٌ عَلَى عَدَالَةٍ حَتَّى تَكُونَ الْعَدَالَةُ عَلَى الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ تُقْبَلُ عَدَالَةٌ عَلَى عَدَالَةٍ إِذَا كَانَ الشُّهُودُ نِسَاءً فَهُنَّ كَالْغُرَبَاءِ لقلَّة معرفَة الرِّجَال بهم.
الْفَرْعُ السَّادِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَفَ الْآبِقُ ربه وَلم تعرفه دَفعته للْإِمَام ابْن لم تخف قِيمَته قَالَ بَان يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْملكِ دَفعته إِلَيْك لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ حُجَّةٌ وَبِأَمْرِ الْإِمَامِ أَحْسَنُ فَإِنْ جَحَدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَدَفَعْتَهُ ضَمِنْتَهُ وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتَرَفَ لِغَيْرِهِ لَكَانَ لَهُ وَلَمْ يَنْفَعْ هَذَا مَا عَرَّفَهُ بِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ.